أعتذر عن خدمة الحرمة!

خلال إنتظاري لموظف شركة تأمين السيارات للإنتهاء من بعض الإجراءات المتعلقة بتأمين السيارة، دخلت المكتب أمرأة محترمة كبيرة في العمر محجبة حجازية كما كان واضحا من لهجتها وطلبت من أحد الموظفين بالنظر في وثيقة تأمين سيارتها – التي لاتستطيع أن تسوقها طبعا – وطلبت إضافة سائق أقل من 25 سنة الى الوثيقة فطلب منها الموظف الجلوس والتفت الى الجالسين وخاصة الي – ربما بسبب لحيتي البيضاء … نعم إنها بيضاء وليس كالذي في الصورة القديمة المرفقة بمقالي هذا – معتذرا أنه مضطر لخدمة الحرمة – وهي كلمة لا إستسيغها – أمامنا لعدم وجود مكان مخصص للنساء، وكأنه يعتذر عن كبيرة من الكبائر التي أرتكبه. ولم يكن إعتذاره عن تقديم خدمتها لإننا كنا جالسين منتظرين الإنتهاء من تلبية طلباتنا من قبل موظفين آخرين. وهنا أحسسب بمسؤولية الرد عليه لمعرفتي وقع مثل هذا الكلام على المرأة التي تخيلتها أمي أو أختي الكبيرة مكانها ولمعرفتي بإلم من لايستطيع الرد، فوجهت الكلام له بصوت تسمعه أنه لا حاجة له للإعتذار لان خدمتها حق لها عليه أن يوفره وليس لإحد منا سلطة توصية عليه أو عليها…

هناك دروس كثيرة من حادثة صغيرة كهذه وهي:

1) الإنطباع الخاطئ بأن كل صاحب لحية يجب أن يكون متزمتا! فهو حكم علي بموجب مظهري

2) الموظف راعى بإعتذاره شعورنا نحن الرجال الذين ليس لهم سلطة التوصية عليه وخاصة هو موظف والمكتب تابع للشركة وليس لنا، ولكنه مع الأسف لم يراعي شعور المرأة التي هي بمقام أمه أو أخته

3) إعتذاره عن خدمته (للحرمة) وكأن خدمتها بوجود الرجال هو إثم أو خطأ كبير كان عليه الإعتذار عنه…وإستخدامه لهذه الكلمة (الحرمة) بسياق إعتذاره كان دونيا!

4) إعتذاره كان تعبيرا عن مراعاته لتقاليد قد يكون هو غير مقتنع بها ولكن يجد نفسه ملزما بمجاراتها وهو نوع من الجبن الإجتماعي لأنه يعرف أن ثمن مخالفتها قد يكون باهظا أحيانا. وهذا الأمر ينطبق على كثير منا بالإنصياع لتقاليد بالية أو حتى قوانين خاطئة بدون أن نملك الشجاعة للتعبير على أقل تقدير لرفضنا إياها. هذه ليست دعوة للتجرد من تقاليدنا ففيها خير كثير وليست دعوة للتمرد على القوانين التي لاتعجبنا ولكن علينا على الاقل أن نملك الشجاعة بإعطاء رأينا بصراحة أو محاولة التغيير وأقل الإيمان تربية أولادنا على الصحيح لعل الجيل القادم يكون أفضل منا وهذا ما لا أراه مع الأسف!

طالما كنا راضخين للواقع بإخطاءه وغير مستعدين أيضا لرفع صوتنا بتصحيحه أو مساندة بعضنا ببعض سيأتي التغيير رغم عن إنوفنا ولكن سيكون تغيير من تطرف الى تطرف آخر فالحذر الحذر!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s