الشاعر أحمد مطر – الحرية

أخبرنا أستاذي يوما عن شيء يُدعى الحرية

فسألت الأستاذ بلطف أن يتكلم بالعربية

ما هذا اللفظ، وما تعنى وأية شيء حرية؟

هل هي مصطلح يوناني عن بعض الحقب الزمنية

أم أشياء نستوردها أو مصنوعات وطنية

فأجاب معلمنا حزنا وانساب الدمع بعفوية

قد أنسوكم كل التاريخ وكل القيم العلوية

أسفي أن تخرج أجيال لا تفهم معنى الحرية

لا تملك سيفا أو قلما لا تحمل فكرا وهوية

و علمت بموت مدرسنا في الزنزانات الفردية

فنذرت لئن أحياني الله وكانت بالعمر بقية

لأجوب الأرض بأكملها بحثا عن معنى الحرية

و قصدت نوادي أمتنا أسألهم أين الحرية

فتواروا عن بصري هلعا وكأن قنابل ذرية

ستفجر فوق رؤوسهم وتبيد جميع البشرية

وأتى رجل يسعى وجلا وحكا همسا وبسرية

لا تسأل عن هذا أبدا أحرف كلماتك شوكية

هذا رجس هذا شرك في دين دعاة الوطنية

إرحل فتراب مدينتنا يحوى أذانا مخفية

تسمع ما لا يحكى أبدا وترى قصصا بوليسية

و يكون المجرم حضرتكم و الخائن حامي الشرعية

و يلفق حولك تدبير لإطاحة نظم ثورية

و ببيع روابي بلدتنا يوم الحرب التحريرية

و بأشياء لا تعرفها و خيانات للقومية

و تساق إلى ساحات الموت عميلا للصهيونية

و اختتم النصح بقولته و بلهجته التحذيرية

لم أسمع شيئا لم أركم ما كنا نذكر حرية

هل تفهم؟ عندي أطفال كفراخ الطير البرية

و ذهبت إلى شيخ الإفتاء لأسأله ما الحرية

فتنحنح يصلح جبته وأدار أداة مخفية

و تأمل في نظارته ورمى بلحاظ نارية

و اعتدل الشيخ بجلسته و هذى باللغة الغجرية

اسمع يا ولدي معناها و افهم أشكال الحرية

ما يمنح مولانا يوما بقرارات جمهورية

أو تأتي مكرمة عليا في خطب العرش الملكية

و السير بضوء فتاوانا و الأحكام القانونية

ليست حقا ليست ملكا فأصول الأمر عبودية

وكلامك فيه مغالطة وبه رائحة كفرية

هل تحمل فكر أزارقة؟ أم تنحو نحو حرورية

يبدو لي أنك موتور لا تفهم معنى الشرعية

و احذر من أن تعمل عقلا بالأفكار الشيطانية

و اسمع إذ يلقي مولانا خطبا كبرى تاريخية

هي نور الدرب ومنهجه وهي الأهداف الشعبية

ما عرف الباطل في القول أو في فعل أو نظرية

من خالف مولانا سفها فنهايته مأساوية

لو يأخذ مالك أجمعه أو يسبي كل الذرية

أو يجلد ظهرك تسلية و هوايات ترفيهية

أو يصلبنا ويقدمنا قربانا للماسونية

فله ما أبقى أو أعطى لا يسأل عن أي قضية

ذات السلطان مقدسة فيها نفحات علوية

قد قرر هذا يا ولدي في فقرات دستورية

لا تصغي يوما يا ولدي لجماعات إرهابية

لا علم لديهم لا فهما لقضايا العصر الفقهية

يفتون كما أفتى قوم من سبع قرون زمنية

تبعوا أقوال أئمتهم من أحمد لابن الجوزية

أغرى فيهم بل ضللهم سيدهم و ابن التيمية

و نسوا أن الدنيا تجري لا تبقى فيها الرجعية

و الفقه يدور مع الأزمان كمجموعتنا الشمسية

و زمان القوم مليكهم فله منا ألف تحية

و كلامك معنا، يا ولدي أسمى درجات الحرية

فخرجت وعندي غثيان وصداع الحمى التيفية

وسألت النفس أشيخ هو؟ أم من أتباع البوذية؟

أو سيخي أو وثني من بعض الملل الهندية

أو قس يلبس صلبانا أم من أبناء يهودية

ونظرت ورائي كي أقرأ لافتة الدار المحمية

كتبت بحروف بارزة وبألوان فسفورية

هيئات الفتوى والعلما وشيوخ النظم الأرضية

من مملكة ودويلات وحكومات جمهورية

هل نحن نعيش زمان التيه وذل نكوص ودنية

تهنا لما ما جاهدنا ونسينا طعم الحرية

و تركنا طريق رسول الله لسنن الأمم السبأية

قلنا لما أن نادونا لجهاد النظم الكفرية

روحوا أنتم سنظل هنا مع كل المتع الأرضية

فأتانا عقاب تخلفنا وفقاً للسنن الكونية

و وصلت إلى بلادالسكسون لأسألهم عن حرية

فأجابوني:سوري سوري نو حرية، نو حرية

من أدراهم أني سوري ألأني أطلب حرية؟!

و سألت المغتربين وقد أفزعني فقد الحرية

هل منكم أحد يعرفها أو يعرف وصفا ومزية

فأجاب القوم بآهات أيقظت هموما منسية

لو رزقناها ما هاجرنا و تركنا الشمس الشرقية

بل طالعنا معلومات في المخطوطات الأثرية

أن الحرية أزهار و لها رائحة عطرية

كانت تنمو بمدينتنا وتفوح على الإنسانية

ترك الحراس رعايتها فرعتها الحمر الوحشية

و سألت أديبا من بلدي هل تعرف معنى الحرية

فأجاب بآهات حرى لا تسألنا نحن رعية

و ذهبت إلى صناع الرأي و أهل الصحف الدورية

و وكالات وإذاعات و محطات تلفازية

و ظننت بأني لن أعدم من يفهم معنى الحرية

فإذا بالهرج قد استعلى و أقيمت سوق الحرية

و خطيب طالب في شمم أن تلغى القيم الدينية

و بمنع تداول أسماء و مفاهيم إسلامية

و إباحة فجر وقمار و فعال الأمم اللوطية

و تلاه امرأة مفزعة كسنام الإبل البختية

و بصوت يقصف هدار بقنابلها العنقودية

إن الحرية أن تشبع نار الرغبات الجنسية

الحرية فعل سحاق ترعاه النظم الدولية

هي حق الإجهاض عموما و إبادة قيم خلقية

كي لا ينمو الإسلام ولا تأتي قنبلة بشرية

هي خمر يجري وسفاح ونواد الرقص الليلية

و أتى سيدهم مختتما نادي أبطال الحرية

وتلى ما جاء الأمر به من دار الحكم المحمية

أمر السلطان ومجلسه بقرارات تشريعية

تقضي أن يقتل مليون و إبادة مدن الرجعية

فليحفظ ربي مولانا و يديم ظلال الحرية

فبمولانا وبحكمته ستصان حياض الحرية

و هنالك أمر ملكي وبضوء الفتوى الشرعية

يحمي الحرية من قوم راموا قتلا للحرية

و يوجه أن تبنى سجون في الصحراء الإقليمية

وبأن يستورد خبراء في ضبط خصوم الحرية

يلغى في الدين سياسته و سياستنا لا دينية

و ليسجن من كان يعادي قيم الدنيا العلمانية

أو قتلا يقطع دابرهم ويبيد الزمر السلفية

حتى لا تبقى أطياف لجماعات إسلامية

وكلام السيد راعينا هو عمدتنا الدستورية

فوق القانون وفوق الحكم و فوق الفتوى الشرعية

لا حرية، لا حرية لجميع دعاة الرجعية

لا حرية، لا حرية أبدا لعدو الحرية

ناديت أيا أهل الإعلام أهذا معنى الحرية؟

فأجابوني بإستهزاء و بصيحات هيستيرية

الظن بأنك رجعي أو من أعداء الحرية

وانشق الباب وداهمني رهط بثياب الجندية

هذا لكما هذا ركلا ذياك بأخمص روسية

اخرج خبر من تعرفهم من أعداء للحرية

و ذهبت بحالة إسعاف للمستشفى التنصيرية

و أتت نحوي تمشي دلعا كطير الحجل البرية

تسأل في صوت مغناج هل أنت جريح الحرية

أن تطلبها فالبس هذا و اسعد بنعيم الحرية

الويل لك ما تعطيني أصليب يمنح حرية

يا وكر الشرك ومصنعه في أمتنا الإسلامية

فخرجت وجرحي مفتوح لأتابع أمر الحرية

و قصدت منظمة الأمم و لجان العمل الدولية

و سألت مجالس أمتهم و الهيئات الإنسانية

ميثاقكم يعني شيئا بحقوق البشر الفطرية

أو أن هناك قرارات عن حد وشكل الحرية

قالوا الحرية أشكال و لها أسس تفصيلية

حسب البلدان وحسب الدين و حسب أساس الجنسية

و التعديلات بأكملها و المعتقدات الحالية

ديني الإسلام وكذا وطني و ولدت بأرض عربية

حريتكم حددناها بثلاث بنود أصلية

فوق الخازوق لكم علم و الحفل بيوم الحرية

ونشيد يظهر أنكم أنهيتم شكل التبعية

و وقفت بمحراب التاريخ لأسأله ما الحرية

فأجاب بصوت مهدود يشكو أشكال الهمجية

إن الحرية أن تحيا عبدا لله بكلية

وفق القرآن و وفق الشرع و وفق السنن النبوية

لا حسب قوانين طغاة أو تشريعات أرضية

وضعت كي تحمي ظلاما و تعيد القيم الوثنية

الحرية ليست وثنا يغسل في الذكرى المئوية

ليست فحشا ليست فجرا أو أزياء باريسية

و الحرية لا تعطيه هيئات الكفر الأممية

و محافل شرك وخداع من تصميم الماسونية

هم سرقوها أفيعطوها؟ هذا جهل بالحرية

الحرية لا تستجدي من سوق النقد الدولية

و الحرية لا تمنحها هيئات البر الخيرية

الحرية نبت ينمو بدماء حرة وزكية

تؤخذ قسرا تبنى صرحا يرعى بجهاد وحمية

يعلو بسهام ورماح ورجال عشقوا الحرية

اسمع ما أملي يا ولدي و ارويه لكل البشرية

إن تغفل عن سيفك يوما فانس موضوع الحرية

فغيابك عن يوم لقاء هو نصر للطاغوتية

و الخوف لضيعة أموال أو أملاك أو ذرية

طعن يفري كبدا حرة و يمزق قلب الحرية

إلا إن خانوا أو لانوا و أحبوا المتع الأرضية

يرضون بمكس الذل و لم يعطوا مهرا للحرية

لن يرفع فرعون رأسا إن كانت بالشعب بقية

فجيوش الطاغوت الكبرى في وأد وقتل الحرية

من صنع شعوب غافلة سمحت ببروز الهمجية

حادت عن منهج خالقها لمناهج حكم وضعية

واتبعت شرعة إبليس فكساها ذلا و دنية

فقوى الطاغوت يساويها وجل تحيا فيه رعية

لن يجمع في قلب أبدا إيمان مع جبن طوية

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s