تأملت و أنا أشاهد افتتاح المبنى الذي يحمل أعلى نقطة بناها الإنسان ذلك الصرح العظيم برج دبي في عظمة ما يستطيع الإنسان – هذا المخلوق الصغير – عمله عندما يحمل هم بناء و طنه و يقوم بما كلفه الله سبحانه و تعالى من عمارة الأرض والإستخلاف فيها.
العروض المصاحبة للإفتتاح أقل ما يقال عنها أنها مثيرة فهناك الألعاب النارية و التي انطلقت من جميع جوانب البرج حتى أنه يخيل إليك أن البرج قد تفجر من جميع جوانبه و أنه على وشك السقوط على الناس المحتفلين تلتها أعمدة الليزر الزرقاء المنبثقة من أعلى البرج إلى أسفله والتي غطت جميع نواحي دبي ثم عروض النوافير المائية الجميلة لترسم لوحة فنية رائعة، و قبل هذا كله كانت كلمة الإفتتاح من أمير دبي حيث قال بالحرف الواحد ” نبني القمم العالية بالهمم العالية و نبني الإنسان بالإنسان ” !!!
هكذا إذا بدأت و إنتهت قصة البناء و بقي هذا البرج شامخا و شاهدا على إنجاز عظيم يفتخر به أصحابه و يتكلم عنه الناس في جميع أصقاع الأرض.
و لكن ما أفسد علي تأملاتي هو همهمات و تنهدات من صاحبي يتحسر على حالنا و بالذات على المبنى الجديد الذي انتقل عمله إليه مؤخرا.
نظرت إليه بإنزعاج و قلت : يا أخي، هل هذا وقت الكلام عن المبنى الذي تعمل فيه؟ … ألا تدعنا نستمتع بهذه المناظر الجميلة؟ ” يا حبكم للنكد”
سكت صاحبي قليلا فأحسست أني قد أثقلت عليه بكلامي فأحببت أن ألطف الجو و أشاركه الهموم من باب أداء حقوق الصحبة – و ليتني لم أفعل !!
انطلق صاحبي بمقارنة عجيبة بين برج دبي و بين مستشفى الولادة و الأطفال الجديد بالدمام فقال:
لقد ذكرني منظر انفجار الألعاب النارية بالحرائق المتتالية في المبنى في أول أسبوع من الإفتتاح و ذكرني الكلام عن الأسطح التي تنظف نفسها تلقائيا في برج دبي بالأسقف التي ينزل منها مياه المجاري لدورات المياه أما مياه النوافير المتراقصة على أنغام الموسيقى فقد ذكرتني بالصوت المزعج لمواطير “زيد الحسين ” وهي تعبىء المياه في خزانات المستشفى !!! مستشفى ضخم المفترض فيه أن يخدم مناطق الدمام و الخبر و ما حولها يحصل على المياه من وايتات “زيد الحسين ” المتهالكة !!!
قاطعت صاحبي : ” بس، نكدت علينا جلستنا!!”
أين الذين يتحدثون عن فقاعة دبي و أنها ستنفجر لقد انفجرت فعلا و سمعنا عن الديون المتراكمة و لكن هذه الفقاعة كانت من الصابون الفرنسي ففاح منها العطر و بقينا نحن – أجلكم الله – نطلق الفقاعات التي تنقض الوضوء!!!