بل نسلم ويسلمون

كانَ التابعيُّ الجليلُ إبراهيمُ النخعيُّ أعورَ العينِ وكانَ تلميذهُ سليمانُ بنُ مهرانٍ أعمشَ العينِ )أي ضعيفَ البصر(، وقد روى عنهما ابنُ الجوزيّ في كتابهِ (المنتظم) أنهما سارا في أحدِ طرقاتِ الكوفةِ يريدانِ الجامعَ وبينما هما يسيرانِ في الطريقِ

قالَ الإمامُ النخعيُّ: يا سليمان! هل لكَ أن تأخذَ طريقًا وآخذَ آخرَ؟ فإني أخشى إن مررنا سويًا بسفهائها، لَيقولونَ أعورٌ ويقودُ أعمشَ!  فيغتابوننا فيأثمونَ.

فقالَ الأعمشُ: يا أبا عمران، وما عليك في أن نؤجرَ ويأثمونَ؟

فقال إبراهيم النخعي: يا سبحانَ اللهِ! بل نَسْلَمُ ويَسْلَمونُ خيرٌ من أن نؤجرَ ويأثمونَ.

سبحانَ اللهِ، أيَّ نفوسٍ نقيةٍ هذهِ التي لا تريدُ أن تَسْلَمَ بنفسها بل تَسْلَمُ ويَسْلَمُ غيرُها. إنها نفوسٌ تغذَّتْ بمعينِ (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) نفوس تغذت بمعين (قال يَالَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ).

ولايقتصر هذا الخلق العظيم على الأجر والإثم، بل يتعداه الى الخلق الذي يجب أن نتحلى به في بيئة عملنا، في تعاملنا مع الآخرين، أن نحب للآخرين ما نحبه لإنفسنا، أن لايصيبنا الهم والغم عندما الخير يتعدانا الى أخوان وأخوات لنا بل يجب أن نفرح لهم كأن الخير أصابنا وعندها سنذوق طعم السعادة التي وصفها الشيخ أحمد بن تيمية بقوله “جنتنا بقلوبنا ولو عرف عنها السلاطين لحاربونا عليها).

أوَ ليسَ :نَسْلَمُ ويَسْلَمونَ خيرٌ من أن نُؤجَرُ ويأثمونَ!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s